mardi 20 mars 2012

الضرائب في تونس : نقمة الفقراء ونعمة الأثرياء

شهدت تونس أول ثورة في تاريخها عام 1864 بزعامة علي بن غذاهم الماجري أحد زعماء القبائل التي رفضت دفع الضرائب لبايات تونس.

ومنذ ذلك التاريخ ظلت « لعنة » الضرائب تلاحق التونسيين وسيفا يسلطه حكامها على الفقراء قبل الأغنياء.

وفيما يجد الأثرياء المتنفذين الطرق الملتوية للتهرب من دفع الضرائب لا يجد الموظفون الذين أثقلت كاهلهم تدهور القدرة الشرائية من مخرج سوى تمويل خزينة الدولة.

وأظهرت بيانات رسمية أن مداخيل خزينة الدولة من الضرائب لسنة 2012 تقدّر بـ 13970 مليون دينار، 70٪ منها اقتطعت من موارد موظفي الدولة متوسّطي الدخل ومن المستهلكين.

وتؤكد المعطيات المتوفرة أن النسبة الأهم من موارد الضرائب في تونس متأتية من الموظفين والمستهلكين وليس من المؤسسات، فالمستهلك التونسي يوفّر 50٪ من الضرائب في شكل أداء على مواد الاستهلاك.

ويساهم الموظفون والعمال بـنسبة 16.1٪ في مداخيل الضرائب في شكل أداء على الدخل وبـ 13.9٪ في شكل أداء بلدي وهو ما يعني أن 70٪ من الضرائب في تونس متأتية من الأشخاص ذوي الدخل المحدود أو المتوسط.

وفي مقابل ذلك يستغلّ الأثرياء المتنفذين علاقتهم بالسلطة للتهرّب من دفع الضرائب بتعلّة توفير مواطن الشغل وتنشيط الاقتصادي وهكذا تُعفى سنويا مئات المؤسسات من دفع الضرائب.

ويدعو الخبراء الحكومة الحالية إلى أن تنتهج خطة تخفف من الضرائب على الموظفين الذين يدفعون حوالي 30 بالمائة من أجورهم في شكل ضرائب مختلفة إضافة إلى الضرائب على مواد الاستهلاك.

وبالمقابل يشددون على ضرورة مساءلة الأثرياء المتهرّبين من دفع الضرائب ليساهموا دعم موازنة الدولة والتخفيف من حدة الأزمة المالية التي تعيشها تونس.

ويطالب الفاعلون السياسيون والاجتماعيون الحكومة بمراجعة شاملة لسياسة الضرائب التي أنتهجها النظام السابق من أجل توزيع عادل لعائدات الخيرات من جهة ومن أجل إعادة الاعتبار للطبقة الوسطى التي تآكلت نتيجة سياسة التفقير التي عاشتها خلال العقدين الماضيين.

ورغم حركات الاحتجاج والتململ في صفوف موظفي الدولة فإن الحكومة التي تواجه أزمة اقتصادية حادة لم تقدم أي مشروع لتخفيف الضرائب بل على العكس من ذلك اقترحت اقتطاع أربعة أيام من أجور الموظفين ما أثار سخطا اجتماعيا واسعا.

في هذا السياق دعا الخبير في السياسات التنموية عبد الجليل البدوي إلى « ضرورة التوزيع العادل لأعباء الأزمة التي تعيشها البلاد من خلال مراجعة وإصلاح منظومة الضرائب« .

ودعا البدوي إلى « التخفيض من الضرائب المسلطة على الأجراء ولو عبر تعديلات رمزية في البداية والرفع من الضرائب على أصحاب الثروات المكدسة عبر المضاربات والاحتكارات« .

ومن جهته دعا الأمين العام لحزب العمال الشيوعي التونسي الحكومة إلى « الالتزام بتعهداتها » والمعالجة العاجلة للأوضاع الاجتماعية المتردية.

وبرأي الخبراء في التنمية الاجتماعية فإنه ما لم تبادر الحكومة بتنفيذ سياسات اقتصادية واجتماعية تنقذ فئات عديدة من المجتمع من الانزلاق في « هوة الفقر » فإن الاحتقان الاجتماعي الذي تعيشه البلاد مرشح إلى أن يتحول إلى أزمة خانقة.

المصدر : ميدل ايست أونلاين

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire